مغارات الكورنيش الجنوبي....تحف ربانية من صنع الطبيعة

على طول امتداد الشريط الساحلي المبعثر بين نتوءات الشاطئ الساحل
السوري مابين خلجانه ورؤوسه، لابد للمراقب أن يكتشف ولو بطريق الصدفة
مجموعة من المغاور الكبيرة متوضعة في عمق صخور الكورنيش الجنوبي ومحط إعجاب
كل من يكتشفها.







في تحقيق استكشافي لا تخلو رحلته من الخطورة قام موقع elatakia يوم
الجمعة الموافق لـ13/3/2009بالبحث والتقصي على تلك المغارات التي تتناول
أساطيرها إلى اليوم ألسنة اللاذقانيين فاتخذ الناس لها أكثر من مسمى شعبي
مازال متداول إلى اليوم .



بدأت الرحلة قبيل حلول موعد غياب شمس يوم الجمعة، لنقابل أثناء رحلتنا
العديد من الصيادين اللذين تناول قصص شعبية عن هذه المغارات تتجسم
بالأساطير التي كانت أجدادهم يتناولها فيما بينهم، ولكن جل الموضوع بأن تلك
المغارات كانت كأمكنة راحة للصيادين من بعد طول سفر وإبحار متعب، فيقول
السيد "خالد طريفي" وهو صياد هاو يأتي بين الحين والآخر إلى القرب من إحدى
المغارات الكبيرة الواقعة على الكورنيش الجنوبي من أجل الترويح عن نفسه
بممارسة الصيد البحري بواسطة السنارة:



«الجميع هنا يطلق على المغارات أسماء متعددة مابين الشعبي التقليدي وبين
الواقعي والمشتق من الحكايات التي كنا نسمعها، فمثلاً هناك وعلى طرف
الكورنيش الجنوبي من الجهة الشمالية الغربية تتوضع مغارة ذات سقف
منخفض وعمق كبير نسبياً تحوي بداخلها عين للماء، يقصدها الناس من أجل
التمتع بشرب الماء المنفجر من عمق الصخر البحري حيث يشكل هذا المكان بقعة
للقاء المياه المالحة مع مياه العين الصالحة للشرب، ولكن ما حدث من عمران
فوق المكان نفسه أثر على إنتاج العين المقصودة حيث ردم مكان المغارة
وبالتالي جفت العين».



وفي مغارة أخرى صادفنا مجموعة من الشباب الذين جلسوا يلعبون الورق على
أصوات الأراكيل في جلسة أرادوا منها أن تكون داخل هذه المغارة التي تعتبر
الأكبر من حيث المساحة على طول الكورنيش الجنوبي، حيث يقول عصام وهو شاب
بالـ17 من عمره:



«نأتي كل يوم جمعة إلى هنا نلعب الورق ونجلب معنا الشاي والأكل ونشعل النار
أحياناً، المكان جميل وهادئ ولا أحد يعطل عليك ويزعجك ولا تبادر أنت
بالحقيقة لإزعاج أحد».



في حين يقول "مراد
أحمدو" وهو شاب بالـ20 من عمره:



«نحن نأتي إلى هنا لكي نهرب من ضوضاء البلد وداخل المدينة ومن دخان المقاهي
التي انتشرت وتكاثف الأدخنة في سقفها تزيد عليك السيئ إلى أسوء».



ما سر وجود تلك المغارات المتنوعة بمساحتها وتركيبها ؟ وما سبب تكوينها
وتشكلها ؟ وهل هناك دليل على رقم قريب من اعمارها من حين تشكلها.



مجموعة من الأسئلة قام موقعنا بتوجيهها إلى العالم الجيولوجي الدكتور "فواز
الأزكي" حيث أجاب مشكوراً فقال: «إن جميع المغارات المتشكلة على كورنيش
الجنوبي هي مغارات تشكلت نتيجة عملية حت الأمواج للصخور اللينة والأقل
قساوة، والحت هو نوعين إما أن يكون حت فيزيائي بتأثير دوام احتكاك الأمواج
بشكل ميكانيكي مع الصخور المجاورة للشطآن والنوع الثاني من الحت هو حت
كيميائي ناتج عن تفاعل كربونات الكالسيوم الموجود ضمن تركيب الصخور مع
الماء ومكوناته، وعمر هذه المغارات متعلق تماماً بعمر الصخر نفسه ويعود
إلى ملايين السنين والى ادوار عمرية جيولوجية معينة».



هذا ويحضر العالم "الأزكي" دراسة هامة ستوجه نحو التطور الحاصل للخط الشاطئي للساحل السوري وخصوصاً "اللاذقية".



والجدير بالذكر بأنه تنتشر على طول الكورنيش الجنوبي العديد من المغارات
المتفاوتة من حيث المساحة والارتفاع ومنها من وصل الحت فيها إلى الطرف
المقابل وأصبحت بمثابة نفق جبلي كما في صخرة الانتحار الشهيرة.