عندما تدخل المعلومة إلى الجهاز العقلي أو تنبت الفكرة فيه ، فإنها تسير
في أحد مسارين ؛ فالأول : أنها تحفظ كما أتت دون تغيير ، والثاني : أنها
تعالج بأي نوع من أنواع المعالجة ، وهذه المعالجة = تسمى فكرًا ، وهذا
الفكر هو الذي يمثل الإنسان ، ويتفاوت الناس في فكرهم حسب تفاوتهم في
معالجة معلوماتهم وأفكارهم ، وبما أنّ هذا الفكر : بشري المولد والنشأة ؛
فيعتريه من النقص والقصور والعجز ما يعتري المخلوق الإنساني ككل ، وهاهنا
عرض لجملة من القابليات للفكر الإنساني ، وسأجتهد أن تكون هذه القابليات
خاصة بالفكر الإنساني فقط !
الأولى : القابلية للتعديل
نظرًا لقصر المساحة التي ينظر منها وإليها العقل البشري ، فإنه يعتري
نظرته الكثير من القصور والنقص ، وحين يقوم بتدوين هذه النظرة كفكر مكتوب ؛
تبدأ مباشرة عمليات التعديل على هذا الفكر من العقول الأخرى كي يكون أكثر
شمولية وإحاطة ، ولن تقف هذه التعديلات مادامت العقول في عملية تفكير
مستمرة ، ولربما انتهى المطاف بتغيير الأساس !
الثانية : القابلية للرفض
عندما تكون النظرة المدونة للفكر البشري مخالفة أو مصادمة لحقيقة الواقع ،
أو لا تتوافق مع طبيعة النفس البشرية ؛ فسيكون الرفض حليفها والرد مصيرها ،
وهذه نتيجة طبيعية لكل فكر لا يتفهم ولا يراعي ولا يتماشى مع الطبائع كما
هي ، فلربما ترى فكرًا منظرًا ليس له مكان على أرض الواقع .
الثالثة : القابلية للتحريف
الحفظ خاصية امتاز بها النص السماوي دون غيره ، لذا كان وسيكون كل شيء
غيره قابلًا للتحريف ، وهذه التحريفات مما يتعذر كشفها لكل أحد ، ويعز
ظهورها لكل شخص ، وما أكثر ما تجد تنظيرًا كثيرًا ، ونقاشًا طويلًا : بُني
على فكر محرف ، وتكثر هذه القابلية عندما تقل الديانة وتروج سلعة الخيانة .
الرابعة : القابلية للتبديل
عندما يتفاعل الفكر مع مرحلة من مراحل التاريخ البشري ؛ ينتج الكثير من
الفكر والأفكار المناسبة لهذه المرحلة ، وعندما تموت عوامل نشأة هذا الفكر
وتندثر ، فإن هذا النتاج يكون غير قابل للعمل به ؛ مما يضطر أصحاب الفكر
والشأن أن يقوموا بتبديله بفكر آخر يناسب ما هم عليه من شأن ، وهذه طبيعة
الفكر البشري ، له ميلاد يعقبه قوة يختمها ممات .
الخامسة : القابلية للتعقيد
عندما يُكثر العقل من الحِجَاج ، ويتوالد الفكر عبر اللِجاج ، قد تتعقد
الأفكار ، وكلما ازداد تعقيد المعقد : استغلقت الفكرة ، فيكون فتحها عسيرًا
جدًا على الكثرة الكاثرة من الناس ، وعندما يدمن صاحب الفكر المعقد هذه
الطرق ، تصبح له عادة وطريقة لا يرى تعقيدها ، ولا يلمس استغلاقها ، فإذا
كان الفكر كذلك : يصبح انتشاره مرهونًا بفتح مغاليقه ، وحيث أنّ هذا متعذر
على كثيرين ؛ فإن رواد هذا الفكر قلة قليلة ، لا أثر فعلي لهم ، ولا حضور
واقعي لفكرهم .
السادسة : القابلية للانحطاط
عندما يكون الدافع للتفكير : سيئًا ، والمحرك للإنشاء : رديئًا = تولد
النتائج الدنية ، وتزدهر الأفكار الوضيعة ، فقد تجد فكرًا ينظّر له أصحابه
ويُسوق له رواده ، بيد أنّ سيرته ونظرته وغايته ورايته وآلته وعاقبته :
منحطة !
السابعة : القابلية للتلفيق
عندما يعتري الفكر ضعفًا : تصبح الثغرات ظاهرة ، لذا يلجأ بعض أصحابه إلى
تطبيق منهج التلفيق الفكري ، فيرقع بفكرة من هنا ، وأخرى من هناك ، لينتج
ثوبًا فكريًا مرقعًا ، وهذا التلفيق يُضعف النتاج المنتظر من هذا الفكر ،
ويُضعف الأساس الذي بني عليه أيضًا ، فيخرج لنا فكرًا مهلهلًا غير متماسك .
الثامنة : القابلية للحذف
عندما يصدر أي منتج فكري بشري : يكون مقولبًا حسب منتِجه وبيئة نتاجه ،
فإذا أُريد تعميمه أو نقله أو فرضه على الواقع ؛ قد تظهر بعض الأمور غير
المناسبة ، فيكون حذف أجزاء منه : خيارًا مهمًا لاستمراره ، وهذا الحذف قد
يذهب بلب الفكر وقد لا يذهب ؛ المهم أنه تعرضه للتشذيب لازم من لوازم
البقاء.
التاسعة : القابلية للغموض
الوضوح من أساسيات التواصل الإنساني ، وعندما يعتري الفكر غموضًا ،
ويكتنفه عدم وضوح ؛ فإنه لن يصل ، وربما قد يصل منه ما لم يكن من منظريه
على بال ، وهذه ضريبة من ضرائب الغموض ، حيث أنها تجعل التفسير حسب المتلقي
لا حسب المرسل ، وحين يكون ذلك كذلك ؛ فليس للفكر رسالة يسعى لها !
العاشرة : القابلية للتضخيم
عندما يتكأ الفكر على عاطفة ، أو يستند على غاية ناقصة ، وهو ضعف الحجة ،
قصير المحجة : فإنه يميل إلى التضخيم والتهويل ؛ ليسد نقصًا يعتريه ، ويغطي
ضعفًا يحتويه ، ومن المفارقات أن هذا التضخيم قد يكون سببَ قبولٍ عند قوم ،
وسببَ ردٍ عند قوم آخرين .
وقبل الختام أقول : إنّ القابليات كثيرة ، كالتطوير والتصحيح والتهويم
والتضليل والتزييف والتهوين والتغيير والعدم والضعف والنقص والحشو وغيرها ،
لذا سأتوقف هنا متحاشيًا الإطالة ؛ لأعرج على نقطة مهمة ، وهي أن هذه
القابليات للفكر الإنساني تجعلك تفكر مليًا قبل أن تسند عقلك إلى أحد منها ،
بل إن لسان حال هذه القابليات يقول لك بصوت جَهوري : إيّاك والتسليم للفكر
الإنساني ، فهو ناقص مهما كثر ، وقصير مهما طال ، وضيق مهما اتسع ، فاجعل
قياد عقلك وسياج فكرك للنصوص الشرعية ، منها ينطلق وإليها يعود ، فهذه
النصوص منطلقة ممن خلقك وخلق عقلك وكونك وطبيعتك ، جعلك الله ممن يُسلّمون
بها تسليمًا ، ولا يجدون في أنفسهم حرجًا منها ، وليس في هذا دعوة لرفض
الاستفادة من نتاج الفكر الإنساني ، وإنما هي دعوة لرفض التسليم له ، ووضعه
في مكانه الصحيح دون أن يزاحم أو يقارن أو يصادم النصوص .
2015-08-02, 7:03 am من طرف زائر
» RapidShare+MegaUpload Downloader 2.0.3 اضافة فايرفوكس لتحميل الملفات من مواقع التحميل
2015-07-17, 12:32 am من طرف زائر
» لعبة سباق السيارات الرائعة MidTown Madness 2 مضغوطة بحجم 160 ميجا
2015-06-13, 11:46 pm من طرف بودا المصرى
» برنامج NeoDownloader Lite 2.6.1 Build 131 سحب و تنزيل الصور من مواقع الانترنت
2015-01-02, 12:22 am من طرف Mokhter
» حصريا برنامج kiwix لفتح صيغة zim
2014-12-27, 2:06 am من طرف زائر
» اللعبة الاستراتيجية Command And Conquer - Tiberian Sun
2014-12-13, 1:07 pm من طرف elmalekaa2006
» كتاب إعراب القرآن بصيغة doc
2014-09-08, 7:21 am من طرف رافديني
» النسخة الأخيرة من لعبة NightSky Final بأكثر من رابط
2014-08-04, 6:10 pm من طرف زائر
» Online.FM radio 0.2.7 اضافة راديو لمتصفح فايرفوكس
2014-06-25, 6:11 am من طرف زائر