سوق "الداية" باللاذقية....حرف قديمة وأزقة نسيها الزمان

سوق "الداية" أو سوق سيف الدولة حالياً، أقدم أسواق "اللاذقية"
المتوضعة في عمق "اللاذقية" القديمة وشعابها المترامية بين ساحة أوغاريت
وبين حي الصليبة القديم، فالسوق هو شارع يبدأ من الشرق عند حديقة "أبي
تمام" وينتهي به المطاف عند شارع







"القوتلي" وسوق "المقبي" وجامع "البازار"عند الغرب.



موقع elatakia زار السوق يوم الخميس الموافق لـ26/3/2009 واستطلع أوضاعه
وذكرياته من على ألسنة من بقي من ملاكه، حيث يقول السيد "أحمد قويقة" وهو
حرفي قديم يمارس حرفة السنكري وهي صيانة بعض الأدوات الزراعية باستخدام
الصاج الملتوي، فيقول: «السوق قديم، ولدنا فيه، ومازلنا وكما ترى نعمل بين
جدرانه، تنتشر في محاله العديد من الحرف القديمة منها الحلاقة، والجزارة،
والحدادة... وجوه قليلة بقيت ممن عايش السوق في عز حاله، الموت اختطف
أغلبهم».



يتابع "قويقة": «السوق تضاءلت فعاليته بالنسبة للحركة التجارية بتأثير تغير
محتويات عمل أغلب محاله وتحديثها، القليل من محاله بقي إلى اليوم، ولكن
السوق أصبح وللأسف ممر للقادمين من وإلى الأسواق القديمة الأخرى المنتشرة
بالقرب من السوق».



أما عمرانياً فيقول "قويقة": «السوق وكما ترون هو مجموعة من الآثار القديمة التي تبدأ بالثانوية

بداية السوق

الشرعية وتتجمع المحال حولها، على شكل صفوف من المحال الصغيرة التي
تحتضن بداخلها قباب وقناطر قديمة تشبه الآثار الرومانية، وكما تعلمون يحيط
بالسوق عدة أسواق منها سوق "العطارين"، وسوق "المقبي" وسوق "البالة" وسوق
"أوغاريت" والعديد من الصروح الأثرية القديمة مثل الثانوية الشرعية وجامع
البازار وحمام السوق».



في حين يقول "مصطفى فتاحي" وهو شاب يعمل بالحدادة الإفرنجية ضمن سوق
الداية: «السوق قديم ولكني سمعت ممن تحدثوا أمامي بأن تسمية السوق جاءت من
مقام داية معروفة في أحد منازل السوق، وارتبطت تسمية السوق بهذا البيت
وساكنته، وإلى اليوم القليل من الناس لا يعرف السوق بمسماه القديم لأنه
غاب عن ذاكرة الكثير وما عادت فعاليته تذكر وتشد من يقصده بأي حاجة
يحتاجها».



في حين يقول "أبو مصطفى" صاحب مطعم الفلافل الشهير بالأمراء:



«كما ترى المحل قديم وهو جزء من سوق

بداية السوق وعلى جانبه الثانوية الشرعية

"الداية"، المحل دافئ بالشتاء، ولا نشعر بحرارة العالية خلال الصيف
الحار، الحجارة القديمة تحمينا من تأثير ظروف المناخ وتبدلاته، والسوق قديم
جداً وأظنه يفوق المائة عام حسب ما تناقل لأذني من ألسنة من سبقونا
أورثونا أمكنتهم».



الحلاق القديم "علي مصري" صاحب السبعين عاما، يجلس طوال الوقت أمام مرآته
القديمة ليعود بالذاكرة نحو القديم من ساعاتها، حينما يكتظ مكانه الضيق
بالزبائن، ويختنق دفء القبو بالأصوات التي تستعجله للجلوس على كرسي قديم
مازال إلى اليوم يحن إلى الماضي ونزلائه، يقول "المصري": «محلي الصغير
ورثته وسأورثه من بعدي إلى أولادي، فالمهنة التي أمتهنها تحولت وتغير
مقامها، التحديث غلب على ديكورات أمكنتها وطريقة تعاملك مع زبائنك تغيرت
بفضل التطورات التي ترافق عصورنا، السوق كان له زمن من الأزمان تميز بكل ما
فيه، كان يقصد أهل الريف والقرى البعيدة، كان يحوي على كل

جدار الثانوية الشرعية الخارجي

شيء، أدوات زراعية، ألبان ومشتقاتها حيث تباع وتشترى فيها، الكثير الكثير من الحرف والمهن توالت على محاله وأزقته المغلقة».



سوق الداية، سوق آخر ما بقي من تذكار الماضي السحيق للاذقية، حيث لم تبق
إلا علائم ودلائل توحي بأصوات من ملء ضجيج عملهم خبايا السوق وحجارته
الباقية رغم كل فناء.