في 17 و 18 أيلول قبل ثمانين عاماً صدح صوت أم كلثوم برفقة "محمد
القصبجي" شيخ الملحنين العرب في سماء "اللاذقية"، حين سهر الناس على "رق
الحبيب" و"كم بعثنا مع النسيم سلاماً" و" يا آسي الحي " وسهروا حتى مطلع
الفجر، وبعد عامين وفي 22 حزيران 1933 أعادت سيدة الغناء العربي تسهير ناس
"اللاذقية" على وقع صوتها فكانت تلك الأمسية كسابقتيها حديث المدينة لسنوات
وسنوات.
تلت تلك الأمسيات أمسيات أخرى لأسماء أخرى لامعة من نجوم تلك الفترة،
تلك الأمسيات الفنية المميزة كانت في مقهى لازال صامداً لليوم في وجه
الأبراج والبنايات والمولات، مقهى نسب إلى عائلة أصحابه " محمد أفندي
شناتا". يقع مقهى شناتا على الكورنيش الشمالي لمدينة "اللاذقية"، وهو أحد
أعتق الأمكنة التي مازالت محافظة على وضعها وحضورها ويبلغ عمره ما يزيد على
المئة عام، وأصبح بالتالي إرثاً ثقافياً وحضارياً للمدينة وعلامة من
علاماتها الخاصة يجب الحفاظ عليه كمعلم وطني سوري هام وإعادة بناءه كما كان
سابقاً.
كان مسرح شناتا ـ كما يقول الباحث "هاشم عثمان" ـ مؤلفاً من مقهى ومطعم
ومسرح ودار سينما تقام فيه أحسن العروض لأشهر الفرق الفنية العربية وكان
صاحبه محمد شناتا يعمل دائماً على تحسينه باستمرار ويعمل على التعاقد مع
متعهدي الحفلات الفنية لكبار فناني العالم العربي وكانت حفلات هؤلاء من
الأيام المشهودة في تاريخ "اللاذقية". ويتابع الباحث "عثمان" شهدت حفلات
"أم كلثوم" إقبالاً منقطع النظير وما تزال ذكرى تلك الحفلة تتردد في النفوس
إلى يومنا هذا على ألسنة من حضر تلك الحفلات يستعيدون دقائقها بفخر
واعتزاز، وقد خلد شعراء اللاذقية تلك الحفلات الكلثومية فقال مثلاً الشاعر
الرقيق محمد سلامة الصوفي قصيدة عبر فيها عن الأثر الذي تركته في نفوس
أبناء اللاذقية ومما قاله الشاعر الصوفي:
قيثارة الشرق ذات اللطف آسية
الأرواح منعشة العود والقصب
وقد كانت جرائد "اللاذقية" وقتها احتفت بزيارة سيدة الغناء العربي، فنشرت جريدة الإرشاد على صفحة غلافها
الأخير إعلانا بتاريخ 20 أيار 1933 عن زيارة الآنسة "أم كلثوم" التي
شهرتها عمت الخافقين إذ تصل إلى بيروت في آواخر الشهر الحالي على أن تقيم
حفلة واحدة على مسرح شناتا الكبير على البحر".
ويتابع الباحث "عثمان" فيقول: «لقيت أمسيات أم كلثوم إقبالا واسعا من أهل
"اللاذقية" رغم أن رسم الدخول إليها كان ليرة ذهبية عثمانية وهو ما يعد
مبلغاً باهظاً آنذاك حتى أن بعض عشاقها عمد إلى بيع أثاث بيته لحضور واحدة
من هذه الحفلات التي تركت أثراً كبيراً في ذاكرة أهل المدينة وبقيت جزء من
أحاديثهم لسنوات طويلة استذكروا خلالها كل ما غنته آنذاك».
وقد استضاف المقهى في الأعوام التالية كلا من الفنان "محمد عبد الوهاب"
الذي أقام فيه عدة حفلات غنائية والفنانتين "سعاد محمد" و "ليلى حلمي"
وغيرهما وقبل ذلك كان قد استضاف وتحديدا منذ العام 1928 وما تلاه كلا من
فرق "فاطمة رشدي" و"أمين عطا الله" و"نجيب الريحاني" الذي قدم مسرحية كشكش
التي ذاع صيتها في تلك الآونة.
ولم تقتصر محطات شناتا الفنية كما أشارت العديد من المصادر التاريخية على
هؤلاء النجوم فكان المقهى أول من استضاف رائد المسرح العربي "يوسف وهب" حيث
قدم مع فرقته مسرحيتي الكابورال سيمون وأولاد الذوات. وكان المسرحي "زكي
عكاشة" قد قدم في وقت سابق من العام نفسه وعلى المنصة ذاتها أوبرا
كليوباترا بمشاركة نجميها الرئيسيين المطرب "صالح عبد الحي" والفنانة "علية
فوزي".
كانت مساحة المقهى أكثر من ألف وخمسمائة متر مربع وقد
تبدلت أحواله عبر الزمان ليستقر أخيراً على ثلاث صالات إحداها للنساء والعائلات والباقي للرجال.
يحدثنا السيد "حسن عقدة " أحد رواد المقهى عن علاقته بالمقهى وهو يحتسي
كأساً من الشاي: «أذكر تماماً أن مقهى شناتا كان يطل على البحر مباشرة وكنا
نراقب قوارب الصيادين من المقهى حيث يستريحون ويعملون على الشاطئ الرملي،
فقد كان الجلوس في المقهى أمراً شبه يومي للكثير من الناس بحيث يقضون أوقات
الفراغ خاصة في الشتاء وليالي رمضان بلعب الشدة وطاولة الزهر والضاما
وغيرها من الألعاب».
ويتابع السيد "عقدة " حديثه فيقول: «مقهى شناتا كان مقصداً لكل الشرائح
الاجتماعية وكان كذلك مقراً للكثير من الأحداث الهامة التي مرت على المدينة
ومنها كما أذكر حفل تأبين الملك فيصل حيث كان الحضور كثيفاً جداً لم يتسع
له المقهى ، كذلك كان المقهى جزء من حفل الجلاء الذي أقيم في المدينة
وألقى فيه رئيس الجمهورية وقتها كلمة استمع إليها الآلاف من الناس».
بدوره السيد "محمد زهرة" 60 عاماً حدثنا عن أن المقهى كان يضم إلى جانب
صالة المشروبات سينما لازالت بعض بقاياها موجودة كانت تعرض أحدث الأفلام
وقتها، وكان ممنوعاً على المراهقين والأطفال دخول المقهى أو السينما تبعاً
لتقاليد المقهى».
يدير المقهى اليوم ومنذ سنوات طويلة السيد "محمد قدور" الذي استمر بتقديم
نفس الخدمات للزبائن، ويقول السيد "محمد قدور" أن هذه الاستمرارية تعود إلى
احترامه لتاريخ هذا المكان رغم أن عروضاً كثيرة وبأسعار كبيرة قدمت له إلا
أنه رفض أن يغير في المكان
إلا بما تسمح به طبيعة الخدمات التي يقدمها،
واعترف السيد "محمد" بأن الزبائن قلوا ، فاليوم هناك العديد من المقاهي في
المدينة التي تختلف في طبيعتها عن مقهاه كما أن الخدمات التي تقدمها تختلف
وخاصة أن زوارها هم من شباب الجيل الجديد ذي المتطلبات الكثيرة.
إذاً تغير زوار المقهى و لما يعد يتردد في جنباته سوى صوت الأراكيل ورنات
الموبايل وعيون تحدق في البحر الذي احتلته السفن الكبيرة ، البحر الشاهد
الوحيد الباقي على ذلك الزمن.
القصبجي" شيخ الملحنين العرب في سماء "اللاذقية"، حين سهر الناس على "رق
الحبيب" و"كم بعثنا مع النسيم سلاماً" و" يا آسي الحي " وسهروا حتى مطلع
الفجر، وبعد عامين وفي 22 حزيران 1933 أعادت سيدة الغناء العربي تسهير ناس
"اللاذقية" على وقع صوتها فكانت تلك الأمسية كسابقتيها حديث المدينة لسنوات
وسنوات.
|
تلت تلك الأمسيات أمسيات أخرى لأسماء أخرى لامعة من نجوم تلك الفترة،
تلك الأمسيات الفنية المميزة كانت في مقهى لازال صامداً لليوم في وجه
الأبراج والبنايات والمولات، مقهى نسب إلى عائلة أصحابه " محمد أفندي
شناتا". يقع مقهى شناتا على الكورنيش الشمالي لمدينة "اللاذقية"، وهو أحد
أعتق الأمكنة التي مازالت محافظة على وضعها وحضورها ويبلغ عمره ما يزيد على
المئة عام، وأصبح بالتالي إرثاً ثقافياً وحضارياً للمدينة وعلامة من
علاماتها الخاصة يجب الحفاظ عليه كمعلم وطني سوري هام وإعادة بناءه كما كان
سابقاً.
كان مسرح شناتا ـ كما يقول الباحث "هاشم عثمان" ـ مؤلفاً من مقهى ومطعم
ومسرح ودار سينما تقام فيه أحسن العروض لأشهر الفرق الفنية العربية وكان
صاحبه محمد شناتا يعمل دائماً على تحسينه باستمرار ويعمل على التعاقد مع
متعهدي الحفلات الفنية لكبار فناني العالم العربي وكانت حفلات هؤلاء من
الأيام المشهودة في تاريخ "اللاذقية". ويتابع الباحث "عثمان" شهدت حفلات
"أم كلثوم" إقبالاً منقطع النظير وما تزال ذكرى تلك الحفلة تتردد في النفوس
إلى يومنا هذا على ألسنة من حضر تلك الحفلات يستعيدون دقائقها بفخر
واعتزاز، وقد خلد شعراء اللاذقية تلك الحفلات الكلثومية فقال مثلاً الشاعر
الرقيق محمد سلامة الصوفي قصيدة عبر فيها عن الأثر الذي تركته في نفوس
أبناء اللاذقية ومما قاله الشاعر الصوفي:
قيثارة الشرق ذات اللطف آسية
الأرواح منعشة العود والقصب
وقد كانت جرائد "اللاذقية" وقتها احتفت بزيارة سيدة الغناء العربي، فنشرت جريدة الإرشاد على صفحة غلافها
|
المقهى مساء |
شهرتها عمت الخافقين إذ تصل إلى بيروت في آواخر الشهر الحالي على أن تقيم
حفلة واحدة على مسرح شناتا الكبير على البحر".
ويتابع الباحث "عثمان" فيقول: «لقيت أمسيات أم كلثوم إقبالا واسعا من أهل
"اللاذقية" رغم أن رسم الدخول إليها كان ليرة ذهبية عثمانية وهو ما يعد
مبلغاً باهظاً آنذاك حتى أن بعض عشاقها عمد إلى بيع أثاث بيته لحضور واحدة
من هذه الحفلات التي تركت أثراً كبيراً في ذاكرة أهل المدينة وبقيت جزء من
أحاديثهم لسنوات طويلة استذكروا خلالها كل ما غنته آنذاك».
وقد استضاف المقهى في الأعوام التالية كلا من الفنان "محمد عبد الوهاب"
الذي أقام فيه عدة حفلات غنائية والفنانتين "سعاد محمد" و "ليلى حلمي"
وغيرهما وقبل ذلك كان قد استضاف وتحديدا منذ العام 1928 وما تلاه كلا من
فرق "فاطمة رشدي" و"أمين عطا الله" و"نجيب الريحاني" الذي قدم مسرحية كشكش
التي ذاع صيتها في تلك الآونة.
ولم تقتصر محطات شناتا الفنية كما أشارت العديد من المصادر التاريخية على
هؤلاء النجوم فكان المقهى أول من استضاف رائد المسرح العربي "يوسف وهب" حيث
قدم مع فرقته مسرحيتي الكابورال سيمون وأولاد الذوات. وكان المسرحي "زكي
عكاشة" قد قدم في وقت سابق من العام نفسه وعلى المنصة ذاتها أوبرا
كليوباترا بمشاركة نجميها الرئيسيين المطرب "صالح عبد الحي" والفنانة "علية
فوزي".
كانت مساحة المقهى أكثر من ألف وخمسمائة متر مربع وقد
|
نادي النقابات المهنية من مقهى شناتا |
يحدثنا السيد "حسن عقدة " أحد رواد المقهى عن علاقته بالمقهى وهو يحتسي
كأساً من الشاي: «أذكر تماماً أن مقهى شناتا كان يطل على البحر مباشرة وكنا
نراقب قوارب الصيادين من المقهى حيث يستريحون ويعملون على الشاطئ الرملي،
فقد كان الجلوس في المقهى أمراً شبه يومي للكثير من الناس بحيث يقضون أوقات
الفراغ خاصة في الشتاء وليالي رمضان بلعب الشدة وطاولة الزهر والضاما
وغيرها من الألعاب».
ويتابع السيد "عقدة " حديثه فيقول: «مقهى شناتا كان مقصداً لكل الشرائح
الاجتماعية وكان كذلك مقراً للكثير من الأحداث الهامة التي مرت على المدينة
ومنها كما أذكر حفل تأبين الملك فيصل حيث كان الحضور كثيفاً جداً لم يتسع
له المقهى ، كذلك كان المقهى جزء من حفل الجلاء الذي أقيم في المدينة
وألقى فيه رئيس الجمهورية وقتها كلمة استمع إليها الآلاف من الناس».
بدوره السيد "محمد زهرة" 60 عاماً حدثنا عن أن المقهى كان يضم إلى جانب
صالة المشروبات سينما لازالت بعض بقاياها موجودة كانت تعرض أحدث الأفلام
وقتها، وكان ممنوعاً على المراهقين والأطفال دخول المقهى أو السينما تبعاً
لتقاليد المقهى».
يدير المقهى اليوم ومنذ سنوات طويلة السيد "محمد قدور" الذي استمر بتقديم
نفس الخدمات للزبائن، ويقول السيد "محمد قدور" أن هذه الاستمرارية تعود إلى
احترامه لتاريخ هذا المكان رغم أن عروضاً كثيرة وبأسعار كبيرة قدمت له إلا
أنه رفض أن يغير في المكان
|
السيد حسن عقدة |
واعترف السيد "محمد" بأن الزبائن قلوا ، فاليوم هناك العديد من المقاهي في
المدينة التي تختلف في طبيعتها عن مقهاه كما أن الخدمات التي تقدمها تختلف
وخاصة أن زوارها هم من شباب الجيل الجديد ذي المتطلبات الكثيرة.
إذاً تغير زوار المقهى و لما يعد يتردد في جنباته سوى صوت الأراكيل ورنات
الموبايل وعيون تحدق في البحر الذي احتلته السفن الكبيرة ، البحر الشاهد
الوحيد الباقي على ذلك الزمن.
2015-08-02, 7:03 am من طرف زائر
» RapidShare+MegaUpload Downloader 2.0.3 اضافة فايرفوكس لتحميل الملفات من مواقع التحميل
2015-07-17, 12:32 am من طرف زائر
» لعبة سباق السيارات الرائعة MidTown Madness 2 مضغوطة بحجم 160 ميجا
2015-06-13, 11:46 pm من طرف بودا المصرى
» برنامج NeoDownloader Lite 2.6.1 Build 131 سحب و تنزيل الصور من مواقع الانترنت
2015-01-02, 12:22 am من طرف Mokhter
» حصريا برنامج kiwix لفتح صيغة zim
2014-12-27, 2:06 am من طرف زائر
» اللعبة الاستراتيجية Command And Conquer - Tiberian Sun
2014-12-13, 1:07 pm من طرف elmalekaa2006
» كتاب إعراب القرآن بصيغة doc
2014-09-08, 7:21 am من طرف رافديني
» النسخة الأخيرة من لعبة NightSky Final بأكثر من رابط
2014-08-04, 6:10 pm من طرف زائر
» Online.FM radio 0.2.7 اضافة راديو لمتصفح فايرفوكس
2014-06-25, 6:11 am من طرف زائر