قصر "نصور" بعد قرن من الزمن

هو واحدٌ من أربعة قصور بنيت في الساحل السوري وكانت محط أنظار كل من
عاش ومر فيه مرور الكرام فهو كما يصفه من عرفوه ظاهرةٌ عمرانية قل نظيرها
في القرن الماضي جمع فيه البناء الطابقي والقناطر والأبواب العملاقة
وإسطبلات الخيول العربية الأصيلة وحظائر الحيوانات وفرن يخبز فيه ويطعم من
خبزه (من هب ودب) من سكان القصر وزواره.







بني هذا القصر في مطلع القرن الماضي على يد مهندس لبناني يعرف باسم
السيد "عبد المسيح" وسكنه عموم آل "نصور" في تلك المرحلة وبقوا فيه حتى
خمسينيات القرن الماضي. وللحديث أكثر عن هذا القصر موقع eLatakia زار السيد
"مجيد نصور" أصغر أبناء السيد "نصور حسن" صاحب القصر واستمع منه إلى شرحٍ
عن تاريخ القصر وبنائه وتفاصيله التي كان عليها قبل أن تتغير معالمه بفعل
عوامل الزمان وهجرة أصحابه له حيث قال: «في مطلع القرن الماضي أراد أبي أن
يبني قصراً يليق بالعائلة يسكن فيه جميع أفرادها فطلب من مهندس لبناني يدعى
"عبد المسيح" تولي هذه العملية وبالفعل وضعت المخططات وتم بناء القصر في
رقعة من الأرض الصخرية بمنطقة عين شقاق تزيد مساحتها على خمسة آلاف متر
مربع وتمت إحاطته بسور حجري وترك له مدخلان رئيسي وجانبي يؤدي إلى بيت عمنا
المجاور، كما يحيط بقطعة الأرض هذه مجموعة من "القبوين" وهي الطابق الأول
وفي الجهة الشمالية يرتفع القصر فوق القبوين، ومن الجهة الغربية يوجد
"علية" وهي الطابق الثاني مؤلفة من عدة غرف تحيط بها شرفة بكافة الاتجاهات
ويصعد إليها بواسطة درج حجري هذه العلية كانت مقابل القصر تماماً لكنها لم
تكن مسقوفة من القرميد مثله.



في الصدارة كان يوجد بناء من طابقين يسمى بيت المنزول وهو اليوم شارف على
الانهيار هذا البناء كان مخصصاً للاجتماعات والصلوات وفي شهر رمضان كان
يقام فيه مسابقة في تلاوة القرآن الكريم وحفظه.

بقايا الجدران

كما كان يضم القصر جناحاً للخيول الأصيلة التي كنا مولعين بها ويسمى البيت
الشمالي، وضم أيضاً حظائر ومستودعات للعلف والبضائع والأغذية».



ويضيف "نصور": «في المدخل الغربي للقصر كان هناك باب يزيد عرضه على خمسة
أمتار وارتفاعه على ثلاثة وتعلوه قنطرة عملاقة رائعة الشكل، هذا الباب صنع
من الخشب القطراني وكان ثقيل الوزن تحتاج كل جهةٍ منه لعشرةِ أشخاص لحملها
وكان محمياً من الخلف بزند حديدي جعل فتحه مستحيلاً دون رفعه، أمام هذا
الباب كان هناك أربع شجرات من "الزنزرخت" يزيد ارتفاع الواحدة على سبعة
أمتار».



يتابع "نصور": «عشنا في هذا القصر حتى الخمسينيات لكننا هجرناه لصعوبة
تأمين المياه واتجهنا إلى الساحل للعمل في الزراعة وبعد مغادرتنا أغلق
تماماً ولم يسكنه أحد حتى اليوم وتعرض للكثير من الاعتداءات وأخذت أغلبية
الحجارة التي كانت فيه، لكن يبقى هذا القصر هو عشقنا الأول والأخير ومن
يعيد بناءه من الأحفاد أعطيه كل ورثتي وأساعده في إعادة إعماره أيضاً».



السيد "عبد الكريم سعيد" من الذين عاصروا القصر وهوَ في أوج تألقه ويحدثنا
عنه بالقول: «لقد كان أجمل القصور الأربعة الموجودة في الساحل والتي كانت
لكل من "ابراهيم الكنج، جابرالعباس، نديم، وقصر نصور حسن" وهو يقع في صدر
قرية "عين شقاق" وعلى جانبيه ساقيتي ماء من "عين فاضل" وعين "طبرجة، وتحيط
به قرى "واي ضاهر، المعسلة، طبرجة، الديرونة، بني علي، ديروتان" مازلت أذكر
حتى اليوم كل تفاصيل القصر ومهما نسيت منها فإنني لا

مكان تصوير مسلسل "العوسج".

أنسى بابه العملاق والقنطرة التي كانت فوقه».



تقوم السيدة "نديمة نصور" بزيارة القصر بشكل دائم تشم رائحة الذكريات فيه
وهي تحدثنا عن هذه الرائحة بالقول: «هنا كانت تجتمع قيادات المنطقة ويتم
التناقش في أمور تخص السكان والدولة، وهنا عاش آبي وجدي وأسرتي كلها، هنا
تاريخنا وذكرياتنا ومن هنا انطلق أفراد العائلة كل واحدٍ في اتجاه دون أن
يعود أحد إلى هنا».



بالقرب من القصر يوجد منطقة تسمى مقبرة الفرنسيين كان السيد "مجيد نصور"
شاهداً عندما أتى الفرنسيون وأخذوا رفات جنودهم منها وعن هذه المقبرة
حدثتنا السيدة "أمينة نصور" بالقول: «أثناء هجوم الفرنسيين على المنطقة
حدثت معركة بينهم وبين الشيخ "إبراهيم صالح" على ما يبدو أن مكان المعركة
كان بالقرب من القصر لأن الفرنسيين أقاموا مقبرة لهم أمام القصر وقبل
جلائهم جاء الجنود ونقلوا الرفات معهم، ويفتخر أهل المنطقة بهذه المقبرة
كما نفتخر نحن أنها بالقرب من القصر وأنه من الممكن أن يكون هناك دورٌ قد
لعبه سكان القصر فيها، هذه المنطقة مازالت تسمى مقبرة فرنسا حتى يومنا
هذا».



لقد احتل القصر من قبل الفرنسيين بحسب ما حدثنا به المهندس "يونس هلول" وهو
أحد أحفاد المرحوم "نصور حسن" صاحب القصر حيث قال: «عندما جاء الفرنسيون
إلى المنطقة قاموا باحتلال القصر واحتجزوا العائلة ومكثوا فيه فترةً من
الزمن بحسب ما سمعت من أجدادي الذين حدثوني أيضاً أن هذا القصر استقبل
العديد من كبار الشخصيات في المنطقة والمناطق المجاورة والجميع

باب عتيق وتشكيل حجري فوقه.