"سوق الصباغين"...قنطرة وخان وسر مدفون بينهما

في حكايات الزمان القديم كنا نسمع عن "علاء الدين" ومصباحه السحري ومدى
فعاليته وجدواه، ولكن ما كان يتردد هنا في اللاذقية كان كحكاية أخرى
لـ"علاء الدين" ولكن ليس صاحب المصباح بل والي من الولاة الأتراك الذين
حكموا في اللاذقية.



"سوق
الصباغين" كان على مقربة شديدة من قصر قديم يحكي التاريخ حكايته على أنه
لوالٍ من الأتراك العثمانيين وكان يدعى بالأمير "علاء الدين"، ولكن الأحجار
القديمة التي تبدأ حين دخولك من باب صغير إلى حارة بمساحة ثلاث دونمات
بقيت كأحجار اللاذقية القديمة تخفي أسرارها ورائها، إلى أن جاءت قنطرة
الصباغين وفضحت كل الأسرار.

دار يدور بها السرور على مر السنين...بدوام منشئها الأمير علاء الدين

سعد السعود مقيم في داخلها...ادخلوها بسلام آمنين

هذه
الأبيات القصيرة والمعبرة وكذلك الغامضة حيرت المؤرخين والباحثين والنقاد،
فيما إذا كانت تعبر عن كنز من كنوز "علاء الدين" المدفونة الذي أقام فيها
منذ سنة 995 هجري، أم هي عمارة من عمارات اللاذقية القديمة ليس إلا.

موقع
eLatakia دخل المكان بتاريخ 18/10/2008والتقى أفراد العائلة التي تقطن في
حارة سميت باسمهم أي حارة بيت "أبو عقل" أي مكان "سوق الصباغين" قديماً،
وتحدثنا مع اكبر أفرادها وهو الأب "محمد
علي أبو عقل" والذي صحبنا للتعريف بالمكان رغم سنين عمره الخمسة والثمانين
التي لها حقها وتأثيراتها، حيث قال "أبو عقل" الأب: «المكان والحارة
والسوق كما هو معروف عنه ورثته منذ أكثر من خمسين عام من أبي، والحارة وكما
ترى لها بابين فقط مشرفين على جهتين غربية وشمالية، بيوتها هي عبارة عن
خانات مؤلفة من طابقين، وبناؤها بأكمله مكون من جدران مصفوفة بدقة وفنية
عالية وبأحجار قديمة مختلفة المقاسات، ويقطن فيها حالياً أولادي الأربعة
وأيضاً يمارسون فيها حرفهم كصناعة الحلويات في مصنع قديم لا يعملون فيه إلا
في فترة الأعياد، وأيضاً صيانة مواقد الغاز وتعبئتها».

"القنطرة
العلائية" التي صحبنا إليها "الحاج محمد علي أبو عقل" حيث تحتل الجزء
الشمالي من حارة أسرته، هو وحده من فسر وحسب دلالات أبيات الشعر التي فسرها
بدقة عالية على الرغم من طريقة كتابتها المعقد، حيث قال:«أنا متأكد من
وجود غريب ما خلف تلك
الكلمات أو حتى نحتها، وربما خلال حياتي هنا تعودت على المكان ولكن كما هي
الحكايات لا بد من غامض فيها كي تبقى مجرد حكايات فقط، ولكني مصرّ على
وجود كنز عظيم وراءها وسيظهر يوماً ما».

عيونه التي تتلألئ خلفها
الذكريات بقيت على الرغم من أسطورية وغرابة ما يقول، غير أنها بقيت محط
استفهام يوجه إلى المسؤولين والباحثين في تاريخنا وآثارنا.

ولهذا
توجه موقع eLatakia إلى الكتب والوثائق ليجد هناك "المؤرخ جبرائيل سعادة"
يضع فرضية تهتم بالمكان وملكيته وضعها في كتابه"المختصر في تاريخ اللاذقية"
حيث يقول: «أن هذه الدار بنيت كمقر أو دار للحكومة فقط، أما الباحث "ياسر
صاري" فقد ذهب ليعتبر المكان عبارة عن "تكية للدراويش المولوية".

في
حين اكتفى الباحث "جمال حيدر" بالتوسع في وصفه للمكان وأهميته، واكتفى
بالوصف العمراني حيث قال: «لقد تهدمت أجزاء كثيرة من البناء، ولم يبقى سوى
فقط واجهة الدار الغربية، حيث الباب
الرئيسي الذي يعلوه قوس صغير وضمنه لوحة نقش عليها البيتان انفي الذكر،
وعلى جانبي الباب الرئيسي نوافذ تزينها نقوش هندسية ونباتية، وهذه الدار
مؤلفة من طابقين مبنية من الحجر الرملي حيث تعلو "الزاروب" المؤدية إلى
الدار "زاروب أبو عقل" المتفرعة من شارع "الغافقي"، قنطرة وفوقها عليّة
واحدة وهي من القناطر القليلة الباقية حتى اليوم باللاذقية».